التعلّم الإلكتروني: آفاق جديدة للتعليم في العصر الرقمي خليل عثمان - بي بي سي - المنامة انطلقت في العاصمة البحرينية، المنامة، ...
التعلّم الإلكتروني:
آفاق جديدة للتعليم في العصر الرقمي
وتشمل أعمال المؤتمر، الذي ينظمه مركز التعلّم الإلكتروني في جامعة البحرين، ندوات، ومداولات وورش عمل تتناول ما ينطوي عليه توظيف التكنولوجيا الحديثة من إمكانيات للارتقاء بالتعليم والسعي نحو تحقيق مجتمع المعرفة. الثقافة الإلكترونية
مما لا شك فيه أن دور تكنولوجيا المعرفة في تنويع وتطوير الفرص والمناهج التعليمية ما زال يتوسع باطراد بالتساوق مع ازدياد شيوع الانترنت وانسيابها في تفاصيل الحياة الاجتماعية.
وهكذا لم تعد وسائل التعليم تقتصر على تلك الوسائل التقليدية من قبيل القلم والورقة، بل بدأ الحاسوب يفرض نفسه كجزء لا يتجزأ من العملية التعليمية.
وفي خضم هذا التطور الهائل في تكنولوجيا المعلومات، تتقافز أسئلة كثيرة عن آفاق التعلم الإلكتروني وتحدياته.
ويوجز الدكتور خالد أحمد بو قحُّوص، مدير مركز التعلّم الإلكتروني في جامعة البحرين، أهداف المؤتمر في بحثه عن إجابات لبعض هذه الأسئلة.
ويقول: "أهداف هذا المؤتمر تتمثل في عدد من النقاط. أولا، نشر الثقافة الإلكترونية، حيث إننا بحاجة، وخاصة في هذه المنطقة، إلى تعميق ونشر ثقافة التعلم الإلكتروني".
ويضيف: "رقم 2 هو تعميق المعلومات والمعارف في التعلم الإلكتروني. نريد إنتاج معرفة في مجال التعلم الإلكتروني".
ويردف قائلا: "كذلك الهدف من هذا المؤتمر، ثالثا، الإستفادة من تجارب الدول في مجال التعلم الإلكتروني. فتبادل الخبرة والتجربة تثري خبرتنا".
ويلمح إلى أن إحدى أبرز القضايا التي تبرز من خلال انتشار أساليب التعلّم الإلكتروني هي قضية الأمن، وما تنطوي عليه من إشكاليات أخلاقية، وقانونية أحيانا.
إلا أن الدكتور بوقحّوص يرى أنه يمكن ضمان الأمن "من خلال استخدام شبكة الجامعة، والتي هي مأمونة، يُفتَرَض، وهناك الكثير من البرامج التي تضمن يعني عدم الدخول لها أو عدم اختراقها؛ وكذلك يُضمَن الأمن من خلال البرنامج الذي يُستَخدَم في عرض مقررات التعلم الإلكتروني". بين التقليدي والإلكتروني
هل يعني هذا الإنفلاش في دور التكنولوجيا الرقمية أن دور المعلم في طور الاضمحلال والتراجع أمام زحف أساليب التعليم الإلكتروني؟
وهل تعمل هذه التقنيات الحديثة على إزاحة أسلوب التعليم المتمحور حول المدرّس، بكل ما ينطوي عليه من تفاعل حي بين المعلم والطالب، نحو عتبات متاحف التاريخ، واستبداله بتفاعل من نوع آخر، التفاعل بين الطالب وفضاء الانترنت الافتراضي؟
ليس بالضرورة، كما يؤكد الدكتور خالد بو قحُّوص، الذي يرى أن الصيغة المثلى للتعليم تتمثل في التزاوج بين أساليب التعلّم التقليدية والأساليب الإلكترونية. ويقول: "من الأفضل لطلبة البكالوريوس دمج التعلم الإلكتروني مع التعلم التقليدي".
ويؤكد بأنه "لا يكفي لإكساب الطالب الأساسيات تدريسه فقط عن طريق التعلم الإلكتروني".
ويشير إلى وجود "الكثير من الدراسات التي تؤكد أن أفضل نوع من التعلم الإلكتروني في المرحلة الأساسية في الجامعة يكون من خلال دمج الإثنين مع بعضهما البعض"
ويوضح قائلا: "بحيث إن هناك عددا من المقررات يكون الأستاذ متواجدا فيها، وفي نفس الوقت يأخذ الطالب مادة مثلا، أو يأخذ كثيرا من الأنشطة من خلال التعلّم الإلكتروني". مشاكل مزمنة
بيد أن آفاق التعلم الإلكتروني في الوطن العربي تبدو مشوشة حيث تزداد أسئلة توظيف التكنولوجيا الحديثة في التعليم تعقيدا مع عيوب مستوطنة ومزمنة تشوب الواقع التربوي بشكل عام.
ويقول الدكتور خالد محمد راشد الرويحي، عميد كلية تقنية المعلومات في جامعة البحرين، إن "التعليم بصورة عامة يمر بمرحلة انتقالية رهيبة ومخيفة في دول العالم النامي بصورة عامة ودول الشرق الأوسط".
ويوضح قائلا: "الآن الفجوة الجديدة هي ربط التعليم بالتقنيات (الحديثة). الدول النامية أصلا تعاني من فجوة أو تخلف بُنى التعليم التقليدي".
لذا يرى الرويحي أنه "قبل استخدام التقنيات لا بد من تهيئة البنية الأساسية للتعليم. والبنية الأساسية للتعليم فيها خلل كبير". فجوة رقمية
من هنا، من هذا الواقع المترع بإشكاليات مزمنة تطل الفجوة الرقمية برأسها، بحيث تتحول التكنولوجيا إلى آلية من آليات إنتاج وتعميق الفوارق بين الدول والمجتمعات بدلا من إزالتها.
ويقول الرويحي: "ربما يكون من المناسب الآن التحدث عن الفجوة الرقمية الموجودة".
ويشرح هذه الفجوة بالقول: "20 في المائة من سكان العالم يتحكمون في 80 في المائة من ثورة المعلومات!"
ويُعرِب عن اعتقاده بأن "ثورة المعلومات بشكلها النهائي، وبداية الانتشار الواسع لشبكة الإنترنت في أوائل التسعينيات من القرن الماضي، هي أول ثورة بشكلها المخيف هذا توفرت أو أُتِيحَت لجميع سكان المعمورة في نفس الوقت".
إلا أنه يتساءل: "مَنْ استفاد منها؟"
ويجيب على هذا السؤال بالقول: "مَنْ استطاع أن يستوعبها. مَنْ هيّأ بُناها التحتية لتبني هذه التقنيات". ما جنته السياسة
وفي معرض تفسيره لما يعتور التعليم في العالم العربي من مشاكل، يركز الرويحي على الآثار السلبية للسياسة على قطاع التربية والتعليم.
ويقول: "مشكلة العالم العربي أنه غارق في السياسة. غارق في قضايا وهمية".
ويتابع: "الصحف اليومية تتحدث عن الديمقراطية، تتحدث عن حقوق الإنسان، وتتحدث عن السياسة، وتنسى أساس بناء المجتمعات. تنسى التعليم، تنسى البحث العلمي. تنسى وضع الشخص المناسب في المكان المناسب دون انتمائه الطائفي، أو العرقي، أو المذهبي، أو السياسي."
ويخلص إلى القول: "فالعالم العربي في واد، والعالم المتقدم في واد آخر تماما".
ويمضي إلى القول: "أنا لا أعتقد أن هناك مستقبلا للعالم العربي في صيغته الحالية دون قيام الشعوب بنقلة نوعية في المستوى الفكري فقط".
ومؤتمر التعلم الإلكتروني، الذي يعقد على مدار ثلاثة أيام تحت عنوان طموح هو "التعلم الإلكتروني: حقبة جديدة من التعلم والثقافة"، قد يكون خطوة أولية في مسيرة الألف ميل نحو هذه النقلة النوعية.
فهو بلا شك يشكل مسعى على طريق دراسة بعض التحولات الاجتماعية التي تفرضها الثقافة الإلكترونية القادمة على جناح التكنولوجيا الرقمية، بكل ما تلقيه من ظلال إشكالية على العملية التعليمية.
وبهذا فإنه يفتح الباب أمام آفاق رحبة للمزيد من البحث والدراسة للاستجابة لمتطلبات التقدم التكنولوجي الإلكتروني.
